17 أيلول 2025
يتابع المرصد العراقي لحقوق الإنسان (IOHR) بقلق بالغ استعداد مجلس النواب لجلسة القراءة الثانية من مشروع قانون حق الحصول على المعلومة. وانطلاقاً من مسؤوليته الحقوقية، يود المرصد أن يوضح أن الصيغة الحالية للمشروع، وبالرغم من أهميته المبدئية، تتضمن عدداً من المواد التي قد تفرغ الحق من مضمونه إذا ما أُقرت دون مراجعة جادة وشفافة.
أولاً: تعريف المعلومة
تُعرّف المسودة "المعلومة" بتعداد محدود للأشكال والوثائق، وهو تعريف ضيق قد يُقصي أشكالاً أخرى من البيانات (مثل المراسلات الإلكترونية، التوصيات الداخلية، أو الوثائق غير المؤرشفة). وهذا يتعارض مع مبدأ الشمولية الذي تؤكد عليه المعايير الدولية، حيث يجب أن يشمل الحق كل ما تنتجه أو تحتفظ به السلطات العامة، أياً كان شكله أو وسيلته.
ثانياً: الاستثناءات الواسعة
المسودة تتيح حجب المعلومات المتعلقة بالدفاع والأمن والسياسة الخارجية والمراسلات الرسمية والمناقصات، دون معايير دقيقة لتحديد الضرورة. مثل هذه الصياغات الفضفاضة تفتح الباب أمام استخدام "حجج واهية" لتقييد الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بالمصلحة العامة، خصوصاً تلك المتعلقة بالإنفاق العام أو مكافحة الفساد. وفق المادة (19/3) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، يجب أن تكون القيود استثنائية، محددة، وضرورية، لا أن تكون هي القاعدة.
ثالثاً: آليات الطعن
تسمح المسودة بالطعن في قرارات الرفض، لكن آلية الطعن غير واضحة ولا تضمن وجود هيئة مستقلة فعلياً، كما لا تضع مدد زمنية ملزمة لرد الجهات المعنية. هذا يضعف ضمانات الإنصاف، ويتعارض مع الممارسات الفضلى التي توصي بوجود هيئة مستقلة ذات صلاحيات واضحة وقراراتها ملزمة.
رابعاً: العقوبات
تنص المسودة على فرض عقوبات على من يُخالف أحكام القانون أو يسيء استخدام المعلومة. ورغم أهمية الردع، فإن الصياغة الحالية قد تُستخدم لمعاقبة الصحفيين أو الناشطين بدلاً من حماية حقهم، إذا لم تُحدد بدقة الحالات التي تُشكل خرقاً. وهذا يُهدد حرية الصحافة، ويتناقض مع التزامات العراق بموجب العهد الدولي.
خامساً: غياب المشاركة المجتمعية
رغم أن القانون يمسّ جوهر العلاقة بين الدولة والمجتمع، إلا أن صياغته لم تُبنَ على مشاورات واسعة مع منظمات المجتمع المدني أو نقابات الصحفيين أو الأكاديميين. إن تشريع قانون بهذا الحجم من دون مشاركة حقيقية يفقده الشرعية المجتمعية، ويثير مخاوف من أنه سيُستخدم كأداة شكلية بدلاً من أن يكون أداة لتعزيز الشفافية.
توصيات المرصد العراقي لحقوق الإنسان
توسيع تعريف المعلومة ليشمل كل ما تحتفظ به السلطات العامة، أياً كان شكله أو وسيلته، انسجاماً مع المعايير الدولية.
تقييد الاستثناءات بحيث تكون محددة بدقة ومرتبطة بالضرورة القصوى، وبما يتوافق مع المادة (19/3) من العهد الدولي.
إرساء آلية طعن مستقلة وفعالة، تضمن حق الأفراد في مراجعة قرارات الرفض أمام هيئة مستقلة ثم القضاء.
إعادة صياغة العقوبات لضمان ألا تُستخدم ضد الصحفيين أو المدافعين عن حقوق الإنسان، وحصرها في حالات إساءة الاستخدام المتعمدة التي تُلحق ضرراً فعلياً.
إشراك المجتمع المدني والإعلاميين والخبراء في أي مراجعة نهائية أو تعديلات لاحقة، ضماناً لشرعية القانون ومطابقته للمعايير الدولية.