عناصر أمن في مواجهة المتظاهرين - بغداد 2019/ مصدر الصورة: وكالة الصحافة الفرنسية
2-12-2019, 15:02




في الوقت الذي تستمر فيه التظاهرات السلمية بجميع مناطق العراق الوسطى والجنوبية، قامت القوات الأمنية وعلى وجه الخصوص قوة مكافحة الشغب في الايام القليلة الماضية بإستخدام الرصاص الحي بكثافة من أجل تفريق المتظاهرين السلميين وذلك في العاصمة بغداد، ومدن البصرة، الناصرية، والنجف. بالاضافة على ذلك يتم استهداف الناشطين والصحفيين بالاختطاف والاعتقال التعسفي والقتل من أجل إجبارهم على عدم المشاركة في هذه التظاهرات أو تغطيتها. ومن أجل فرض سيطرتها على وسائل الإعلام، أمرت هيئة الإعلام و الاتصالات بإغلاق العديد من القنوات التلفزيونية ومحطات الراديو، وحذرت القنوات الأخرى بتوخي الحذر في تقاريرها.



استخدام الرصاص الحي

تستمر القوات الأمنية في استخدام الرصاص الحي في مختلف مدن البلاد وعلى وجه الخصوص في العاصمة بغداد، ومدن البصرة، الناصرية، والنجف حيث سقط عدد كبير من الضحايا بين قتيلٍ وجريح في صفوف المتظاهرين السلميين في تلكم المدن. لقد أكدت مصادر محلية موثوقة استخدام الاسلحة المضادة للطائرات ضد المتظاهرين في مخافظة البصرة.


لقد ذكرت التقارير أن الجيش العراقي قد قام بتاريخ 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بنشر دبابات ومدرعات في مركز مدينة النجف وكذلك قامت القوات الأمنية بتعزيز تواجدها قرب ساحات التظاهر مستخدمةً الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة من أجل تفريق المتظاهرين ليتم قتل 12 متظاهراً وإصابة 70 آخرين حيث انطلقت التظاهرات من جديد بالرغم من قرار حظر التجول الذي فرضته السلطات بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني.


و في العاصمة بغداد وبتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019  استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في هجومها على المتظاهرين في جسر الأحرار بمركز المدينة مما أدى إلى قتل  2 منهم وإصابة مالايقل عن 25 آخرين بجروحْ مختلفة.


تستمر الحكومة المحلية في محافظة البصرة باستخدام الرصاص الحي والاعتقالات التعسفية ضد المتظاهرين في مختلف مناطق هذه المحافظة. وتستمر التظاهرات عند حقل مجنون النفطي، و ميناء أم قصر، وبقية مناطق المحافظة والتي اسفرت عن سقوط 5 قتلى و إصابة أكثر من 100 من المتظاهرين السلميين المطالبين مثل اقرانهم في المدن الأخرى بإستقالة الحكومة وإنهاء الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية واحترام الحريات العامة.


وشهدت مدينة الناصرية (الصورة أعلاه) ليلة دامية في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 حيث تم قتل 33 من المتظاهرين السلميين وإصابة نحو 125 آخرين بعد ان قامت القوات الأمنية باستخدام الرصاص الحي من أجل تفريق المظاهرات في ساحة الحبوبي بمركز المدينة والمناطق المحيطة بها. وجاء ذلك بعد يوم ٍ واحد من تشكيل الحكومة العراقية لخلية أزمة بقيادة الفريق جميل الشمري الذي سرعان ما قامت بإقالته بعد القمع الشديد الذي قامت به القوات التي بآمرته ضد المتظاهرين في مركز المدينة.



استهداف نشطاء المجتمع المدني

بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تعرض مدافع حقوق الإنسان جواد الحريشاوي إلى محاولة اغتيال وسط مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، جنوبي العراق، حيث قام مسلحون بملابس مدنية يستقلون سيارة بيضاء اللون لاتحمل ارقاماً بإستهدافه بوابلٍ من الرصاص. ان الحريشاوي الذي نجا من الحادث هو ناشط معروف بمشاركته الفعالة في التظاهرات الحالية وتغطيته المستمرة لها.


بتاريخ 01 ديسمبر/كانون الأول 2019، تم أطلاق سراح ناشط المجتمع المدني سمير الفرج الذي كان قد اعتقل من منزله بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بمدينة الرمادي وذلك من قبل القوات الأمنية بعد منشورٍ له على صفحته في الفيسبوك دعا فيه إلى العصيان المدني والتضامن مع متظاهري ساحة التحرير في العاصمة بغداد.


تم إطلاق سراح العديد من نشطاء المجتمع المدني الآخرين بعد خطفهم في بغداد. لقد اطلقت الجهات الخاطفة سراح كلاً من ناشطي المجتمع المدتي، صبا المهداوي وذلك بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بعد اختطافها لمدة  11 يوماً، وعلي هاشم في اليوم نفسه.بعد ستة ايام ٍ من الأختطاف حيث تمت مصادرة هواتفه الشخصية، وأحمد باقر بكلي بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بعد ستة ايام ٍ من الأختطاف ايضاُ. لقد أكدت التقارير المحلية ان اختطاف الناشطين يتم من قبل جهات أمنية حكومية بالتعاون مع جماعات مسلحة.


في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تم إطلاق سراح ناشط المجتمع المدني حسين الكعبي بعد أن تم اعتقاله في 07 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 من قبل القوات الأمنية وذلك في ساحة الأعتصام بقضاء الرفاعي بمحافظة ذي قار بسبب  مشاركته في الإحتجاجات وقيادته لبعضها ودعوته للمواطنين للمشاركة فيها.


هذا في وقتٍ لايزال فيه محامي حقوق الإنسان علي جاسب حطاب رهن الأختطاف الذي تم بتاريخ 07 كتوبر/تشرين الأول 2019 بمدينة العمارة وذلك من قبل مجموعة مسلحة معروفة للقوات الأمنية في المحافظة حيث قامت بمحاصرة سيارته الخاصة وأنزلته منها بالقوة وإقتادته إلى جهة مجهولة.



استهداف الصحفيين و وسائل الإعلام

بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تم الاعتداء بالضرب المبرح وبالهراوات من قبل قوة مكافحة الشغب على مراسلة قناة دجلة آلاء الشمري وذلك بمدينة النجف حيث استدعى ذلك دخولها المستشفى من أجل تلقي العلاج. وفي اليوم نفسه أقدمت قوات مكافحة الشغب بالاعتداء على كادر فريق قناة دجلة في مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى حيث أصيب المصور الصحفي مصطفى الركابي بجروح بالغة في رأسه. وقد حصل الاعتداء بينما كان الركابي يقوم بتغطية تظاهرة طلابية في وسط الميدنة كانت تبغي إغلاق مديرية تربية المحافظة.


 اصدرت هيئة الإعلام والاتصالات بتاريخ 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، كتاباً يحمل الرقم (ق114) ويتضمن الأمر بإغلاق القنوات التالية لمدة ثلاثة اشهر، العربية الحدث، أن ار تي، أي أن ب، دجلة، الشرقية، الفلوجة، الرشيد، وهنا بغداد وتجديد غلق قناة الحرة لثلاثة اشهر اخرى.


وهدد الكتاب هذه القنوات بإتخاذ أجراءات قانونية أكثر ردعاً في، "حال عدم الالتزام بلائحة قواعد البث الإعلامي" بدون أن يذكر اية تفاصيل عن نوعية الخروقات التي قامت به هذه القنوات. وكذلك، وجه الكتاب نفسه انذاراً الى القنوات التالية، السومرية، آسيا، رووداو، سكاي نيوزعربية، وقناة آور، وكذلك أمر بغلق المحطات الذاعية التالية، راديو ناس، سوا، اذاعة اليوم، وإذاعة نوا. 


ولم يتطرق البيان للاسباب الموجبة لكل هذه القرارات التعسفية والتي تهدد بشكل خطير حرية الصحافة و حرية التعبير في البلاد. لقد أكدت مصادر محلية موثوقة ان كل هذه القرارت تصب في سياسسة تكميم الأفواه ومصادرة الرأي الآخر ومحاولة منع تغطية التظاهرات السلمية والتي تنتهجها حالياً السلطات في العراق.


وكانت قناة دجلة قد أعلنت في بيانٍ لها اصدرته بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أنها، " تعرضت منتصف ليلة أمس الثلاثاء، إلى تعدٍ على حقوقها التي كفلها الدستور، بشكل لا يقبل الشك، تمثل بإغلاق مكتبها في بغداد ومصادرة عدد من أدوات البث الخاصة به".


أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق في بيانٍ لها نشرته على صفحتها الرسمية في الفيسبوك عن " ارتفاعاً في استخدام العنف المفرط مما ادى الى سقوط العديد من الشهداء والمصابين." كما ورد في نص البيان الذي ذكر ايضاً الارقام التالية عن ضحايا في صفوف المتظاهرين للأيام 26، 27، و 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019:


1- محافظة ذي قار: عدد القتلى 25 و عدد المصابين 250.

2- محافظة بغداد: عدد القتلى 2 و عدد المصابين 67 و كذلك إصابة 25 فرداً من القوات الأمنية.

3- محافظة المثنى: إصابة  308 من المتظاهرين والقوات الأمنية.

4- محافظة النجف: عدد القتلى 4 و المصابين 354 وإصابة 50 من القوات الأمنية ايضاً.


مرة أخرى تدين المنظمات الموقعة أدناه وباشد العبارات الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات الأمنية العراقية، بما في ذلك الرصاص الحي وتطالبها أن تفي بإلتزاماتها الدولية والتي أكدها الدستور العراقي والمتعلقة بحماية حق مواطنيها في الحياة، وكذلك جميع حقوق الإنسان الأخرى، وعلى وجه الخصوص حرية التظاهر السلمي، حرية التعبير، وحرية الصحافة. ان على الحكومة العراقية وقف جميع أشكال العنف فوراً وبدون اية شروط وكذلك حماية المتظاهرين السلميين في جميع أنحاء البلاد بطريقة شفافة وجدية.


إن على الحكومة العراقية إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهه وشاملة فورية في حوادث قتل المتظاهرين، بهدف نشر النتائج وتقديم جميع المسؤولين عنها إلى العدالة وفقاً للمعايير الدولية.


في ضوء خطورة الوضع الحالي في العراق، تطلب المنظمات الموقعة أدناه  من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيام بعقد جلسة خاصة لدراسة وضع حقوق الإنسان المزري الحالي في البلاد وإتخاذ الإجراءات الازمة لضمان توقف الحكومة العراقية عن استخدام العنف بكل اشكاله ضد المتظاهرين السلميين في أنحاء البلاد.


الموقعون:


1- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

2- مركز الخليج لحقوق الإنسان

3- المرصد العراقي لحقوق الإنسان

4- الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي (أنسم)

5- مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين

6- مركز القلم في العراق

7- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب